المطر وأمسية رمضان.. انتظار الروح بقلم عماد ايلاهي


في المساء، حين تتكاثف الغيوم كقصيدة لم تكتمل، وحين يغمر الهواء ندى المطر الأول، يتنفس القلب ببطء، كأن الكون كله يتوضأ بنقائه. الشوارع تغسل تعبها بقطرات شفّافة، والأرصفة العتيقة تعانق بلل الزمن بفرح طفوليّ.

في ذاك الركن من البيت، حيث تجتمع الأرواح حول صواني الصبر، تنبعث رائحة الخبز الساخن، ورذاذ المطر يقرع النوافذ كأنه ينادي الحنين. العيون تراقب عقارب الساعة، والنفس تتأرجح بين الجوع والرجاء، بين صبر اللحظة ونشوة اللقاء القريب مع جرعة ماء بارد تتهادى إلى الحلق كنشيد الخلاص.

في الخارج، المطر لا يتوقف، كأنه يرتّل دعوات الصائمين بصوته العذب، كأنه يحمل فوق جناحيه أمنيات العابرين في دروب هذا الشهر المبارك. وفي الداخل، الأرواح تسجد في صمت، تستشعر دفء الرحمة وهي تنسكب من السماء كما تنسكب في القلوب.
شهية طيبة 
عماظ إيلاهي
وحين يصدح الأذان، يفيض الصمت بخشوعه، ويهطل النور في الصدور كما يهطل المطر على الأرض العطشى، لتولد لحظة الإفطار كولادة الفجر بعد ليل طويل، كزهرة بيضاء تتفتّح تحت أولى قطرات الغيث.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شتوية ما كيفهاش جزء 1 بقلم رؤوف سليمان

حكايتنا بقلم سمير الفرحاني

أنا البحر بقلم عماد إيلاهي