المُعَلِّمُ بقلم عماد إيلاهي
يا نهرَ علمٍ، على جُودٍ لنا انهمر
تسقي القلوبَ وتُحيي الغرسَ والذِكر
يا مَن إذا سارَ في دربٍ، أضاء به
صُبحٌ، وأشرقَ في عينيهِ ما قمر
تُصارعُ الريحَ في صمتٍ وتبتسمُ
كالنخلِ شامخَ، لا يُثنيه من عَثَروا
أنّا نراكَ كغيثٍ في يبابِ رُبًا
ما زالَ يهطلُ رغم الجرحِ، ينهمر
لو يُطفئُ الجهلُ ضوءًا فيكَ يغمرنا
لانهارَ صرحُ المعالي، ماتت السُوَر
تنسابُ كالنهرِ في تيارِه هُدُبًا
وتحملُ الفكرَ مِثلَ البدرِ إذ سَفروا
بَنيتَ في كلّ عقلٍ صرحَ مَعرِفةٍ
كأنك النجمُ في أفلاكِهِ ظَفَروا
أنتَ الحصونُ إذا ما كلَّ فارسُها
وكلّما انهارَ جيلٌ كنتَ مُنتَصر
لو طالكَ الضرُ، تبقى في عظَمتِك
كالأرزِ ثابتًا، تجتازُ ما نثروا
يا مَن وهبتَ لوقتِ الجدِّ أزهُرَهُ
وصُغتَ للعلمِ من مجدٍ له مَقر
تُضيءُ في فجرنا آمالَ أنجمِه
كأنك البدرُ في أفقِ الهوى سمروا
صَبراً، فكلّ دروبِ النورِ مُوحِشَةٌ
وكلّ نورٍ على أشباحهِ صبر
يا لؤلؤاً ضمّهُ في كفّك الصدفُ
ومَرجَلاً نَشرتَهُ علماً وازدهروا
أنت الندى في ليالي الزرعِ، أنفاسُه
ومُذ كففتَ غَدَا وجهُ الرُبى كدر
فأين مَنكَ التقى؟ من يُحيي مقاصِدَهُ؟
وبالسماحةِ والأخلاقِ يُفتخر
يا منبعَ العدلِ في أرضٍ إذا جَفت
صارت يبابًا، بها الأحقادُ تفتكر
إن غاب صوتك عن أسماعنا وَصَدَت
صمَّ الجبالُ، وفاضت دمعةُ الوتر
لو لم تكن بيننا شمسًا تحرّكنا
لظلّ سيفُ الجهالاتِ لنا وتر
فاصبرْ فإنّ الفتى مَن كانَ منتصرًا
لما تصدّى لهُ في جُرحهِ القدر
يا مَن تساميتَ كالنسرِ المَهابِ إذا
حلقْتَ في شِرفٍ لا يُدركهُ البصر
عماد إيلاهي


تعليقات
إرسال تعليق