محرك خيالاتي بقلم وفاء بوترعة


كعادتي آخذ ركنا بحديقتي بين أحبابي أحاورهم قليلا ، ثمّ يهدونني أجمل مافيهم .. و هل أجمل ممّا في الزّهور والأطيار من عطر و جمال و رقّة و حبّ؟! آخذها منهم بكلّ أحاسيسي و أغمض عيناي لأُجَنّح وأسرح حالمة في عوالمي..
سمعتُ صوتا يقترب منّي شيئا فشيئا ويسألني ...
- غاليتي مغمضةُ العينين .. أين تكون الآن ؟؟
خفق قلبي و رفرفتْ روحي و قلتُ في نفسي :
- اللّلللللله .. إنّه الصّوت المحبّب إلى قلبي .. و لم أفتح عينَيّ لأَحضُنه بشوق المتلهّف .. وأجبتُه :
- في عالمٍ جميل أصنعُه بنفسي لنفسي .. عالمٌ أمسح به واقعي فيأخذني إليه حيث لا تُشتَّت أحلامي و لا يُكدَّر صَفْوي .. عالم أحلّق فيه بأجنحتي وفيه أحلم بحرّية .. و فيه أتخيّل كلّ ما تصبو له نفسي ....
قاطعني بحدّة فيها خوف و حنان :
- تبّا لذاك البعد الذي أُجبِرتُ عليه زمنا .. لا تُقلِقِيني عليك .. مابه واقعك ؟ أتَشْكين من شيء ؟ أجبته وقد أصابتني الرّأفة بقلبه الذي يفيض حنانا وخوفا عليَّ :
- بعض الواقع يُفسِد الأشياء الجميلة التي وهبها لنا اللّه .. و بعضه الآخر يَكثُر فيه الألم و يُغتال الأمل .. لكن لا تقلق وكما أخبرتك إذ بخيالي أصنعُ كلّ جميل .. أنسجُ قصصا لِأعيش فيها بطريقتي و على هوايَ ... فيها يرتاح قلبي من أيّ غِشّ وخذلان .. وفيها تحلّق روحي دون انكسار .. وفيها أٌطلِقُ العنان لِأحاسيسي دون كبْت يفرضه الواقع .. حتّى إن حضروا فإنّ لِخيالي القدرة على التّغيِير و التّجميل لِيَصير الحبّ و الأمل و الخير سيّد الموقف و أعيش الحياة كما أشتهيها ..
ابتسم وقال :
- جميييل ... هههه كما عهدتُكِ دائما .. واصلي لكن بشرط ....
قلتُ بحبّ :
- اُشرط يا أغلى من الرّوح .. و هل عصَيْتُ لك أمرا ؟!!
قال و في صوته نغمة تحذير :
- المبادئ .... كلّ مبدإ غرستُه فيك أو تَعلّمتِه من دروس الحياة لا تُهمليها و لو في أحلامكِ و في نسج خيالكِ .. لسبب بسيط .. أنّ الخيال و الأحلام في غمرة نشوتك بهما يسحبان منك جوهرك شيئا فشيئا يقتنع عقلك فيسمح به في الواقع ... اِنتبهي جميلتي لا تَسقُطي في شركهما .. تحَكَّمي بهما حتّى لا يتحكّما بك ..
تنهّدتُ بعمق وقلتُ :
- ياااااه يا حبيبي حتّى و أنت في عالمك الجميل تمنح القوّة لأجنحتي لأحلّق بهما في عالمَيْ الواقع و الخيال .. و تتعهّد الجوهر الذي زرعتَه في قلبي و روحي و عقلي .. شكرا لك لكونك جوهر روحي و جوهر عقلي و أيضا جوهر كلّ تخيّلاتي..
شكرا لأنّك ....
و هنا سمعتُ صوتا يناديني صوتا آخر حقيقيا غير الذي كنت أتحدّث معه :
- وفاء وفاء ... مع من تتكلّمين ؟!!! أراكِ وحيدة !!!!
تمتمتُ لأكمّل للحبيب كلامي الذي قُطِع :
- شكرا شكرا لأنّك أبي ..
آه نسيت أن أخبرك شيئا .. وهو أنّك سيّد ذلك العالم الجميل و محرّك خيالاتي .. رحمك الله أبي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شتوية ما كيفهاش جزء 1 بقلم رؤوف سليمان

حكايتنا بقلم سمير الفرحاني

أنا البحر بقلم عماد إيلاهي