كنت وحدي حينما كنا معا بقلم عمر الغرسلي
كنت وحدي حينما كنّا معًا
على حافة اللّيلِ...
يصرعني الإنتظار ُ اللّئيمُ
فأغدو حزينا
أعمانق فيَّ الوحيدَ
أعانقُ فيَّ الفقيدَ
أعمانق فيَّ االشهيدَ
كأنّ على مُهجتي تتلظّى ظلالُ الطُّلولِ...
وهذي الجراحاتُ تعْوي بمَجرى دمِي
وهذا الجمالُ بلا نكهةٍ في سماء الخيالِ الخليلِ
وغيمُ الملامةِ جاثٍ على شفتيَّ
يقاضي لسانَ الهوى فيقيظُ الوريدَ
أجالسُ كالطفلِ وجهَ الغروبِ المُزوّقِ بالأمنياتِ البعيدةِ
أنثرُ فيه شعورا أصيلَ الملامحِ
والتوقُ في كمَدِ الابتسامةِ
يفضحُ عندي الفضولَ العميدَ
وأخلُدُ للسّهرِ المتهالكِ عشقًأ على ناظريَّ
وهذي الدُّروبُ ملطّخةٌ بدماء الوفاءِ المُعنَّى
وفي خاطري هالةٌ منْ بقاياكِ تُوقظُ في سكناتي العهودَ
وحين أحاذي المياهَ على الأرضِ تجري اعتلالاً
أرى الأُفْقَ مُنتشيًا بخريرِ هواكِ
ومنْ حوليَ الشوقُ يشقِي النَّدى والصّعيدَ
وينجمُ في وحدتي البدْرُ منشرحًا
يزرعُ الحسْنَ في قلقي الغجريِّ
مناجَدةً لشموع الرُّؤى
كي يزيدَ الدّياجي بهارًا بدرْبي
ويطْربَ عند النجومِ القدودَ
وأنتِ كما وأنتِ
تختبئينَ وراء الحِيادِ
وتخترعينَ الغيابَ
وتخترعينَ الجُحودَ
ومازالَ قلْبُ المدينَةِ يعشق تجْوالَ ذاكرتي
وهْي تهذي على الطرقاتِ التي أبصرتْنا معًا
وضجيجُ الهواجسِ يمنع عن ملكاتي الهجودَ
وأنّى اختنقتُ اختلقْتُ قوًى
توجزُ الإلتياعَ ابتسامًا حليمًا
وللذكرياتِ أناملُ عابقةٌ بالحنانِ
تلاطفُ جرحَ النّوى
وتكفكفُ دمعَ الخواطرِ منْ فوق سجّادتي
كي تصحّحَ في صلواتي السجودَ
أحبّك يا قرّةَ القلبِ
أهواك جدّا
وهذا الصَّبا يسْتفزُّ اصْطباري
وهذا النّوى يستبيحُ الصّمودَ
كأنَّ جبالاً من الشوقِ تخلعُ بابَ المسافةِ
في شجن الإنتظارِ
ونايُ الجراحِ الندامى يزِينُ بجوْقةِ قلبي الغناءَ
لكي يُطرِبَ الكونَ...
أيّانَ أفشَى اكْتوائِي السعيد َ
أنا لستُ أدري
لماذا اختفى الودُّ بعدَ التلاقي
وتاه بنا القدرُ المتعالي نزولاً
يعاندُ قلبيْنِ شاءا الصُّعودَ !؟
أنا لستّ أدري
لماذا سكبتِ نسيلَ الهوى في فؤادي
وسافرتِ موغلةً في التَناسي
فأوصدت بابَ الحوار
وأغلقتِ دون اشتياقي الحدود َ !؟
أنا لست أدري
لماذا انتهجت سلوكَ الغريبِ معي
وتركتِ بُروقًا بصدري تسامرُ جمْرَ النّوى
وهذي التناهيدُ تشبهُ في زمن العاشقينَ الرّعود َ!؟
فحبّكِ مازال يمطرني فرحًا كلّما زارنا الغيْثُ
أوْ خصَّني بغلال الجمالِ الربيعُ
فزوّقتُ قضْبانَ قلبي اشتياقا لعينيكِ
واسْتعْذبَ الوقتُ هذا العذابَ الودودَ
كأنّي احبّ التوغُّلَ في سحرِ ما تضْمرينَ
وأعشقُ هذا اللّقاءَ المُعلَّقَ في بؤْبُئ المستحيلِ
وأطلب ُ يختًا بلا وجهةٍ
كي افتّشَ عنك وعنّي بخارطةِ الآفلينَ
لأُقنعَ هذا الفؤادَ العنيدَ
كأنّي أحب تفاصيلَ بُؤْسي
وأنتظرُ الحظَّ في حانةِ الوهمِ مختبلا...
ربّما عشتُ ذاك الوصَالَ الكؤُودَ
وأنّى رأيتكِ في الحلم
انهظ قبل الصباح إلى شرفةِ البيتِ أجري...
أجاري الجنُونَ
أقلْقِلُ كالكروانِ الرّؤومِ جناحَ الحنينِ
أريدُ لهذا المنامِ الخلودَ
ومازال طيفك في لُجج الإنشغال
يؤجّجّ صبْوةَ روحي إلى أوّل الخطواتِ بنهج الجوى
والليالي تنيرُ رؤى العاشقينَ
وكمْ هوّنتْ أزماتهمْ فأماطوا الأذى وأزاحوا القيودَ
وهذا أنا أتأمّلُ قُرْبكِ في وحدتي
والحدائقُ تعبقُ أسئلةً عنْ دواعي الغيابِ
وقدْ ساءها أنّني لا أزورُ الورودَ
فأرنو إلى حسنها وجلَ النظراتِ
وللقلب أجوبةٌ تتلحّفُ وقْعَ الضّنا
والحدائقُ تحيا الشرودَ
"لقد مات قلْبُها فأتيتُ وحيدًا
أشيّعُ جثمانَ أيّامها لحدود الجمال القحاحِ
وأشكو قساوةَ ما أحتسي لضياء الصباحِ
وكمْ آلمَ الشمسَ أنْ نتجافى
وكمْ آلمَ البدرَ أنْ لا نعودَ "
ومِنْ عتهي أحضنُ الجرحَ مبتسمًا
ومعي عطشٌ للوئامِ المُجنْدلِ في بهجةِ العنْفوانِ
وعينايَ عاشقتان طلولاً على قمم الصبْرِ تهجو العوائقَ
والقلبُ يجترُّ لذْعَ المخاظِ الشديدَ
وهذا أنا في تخوم الخيال البديعةِ
أنهللُ منْ شهد ذكراكِ تحت رصاص الهزيمةِ
والعقلُ كالهدْهدِ المترمّلِ يشكو حياةً
تضاهي الهُمودَ
وحين ينامُ الأنامُ...
أعودُ إلى كون عينيك مسْتأْنسًا ببقايا الجنونِ
ولفْحُ الصّبابةِ عنْدَ الثنايا اليتيمةِ
يّطعمُ صبري الجلِيدَ
تسامرني لغةُ الضّادِ مُعْتقلاً في منافي الهوى
ونداءُ المروءةِ يرْقى بحزني افتئالاً
فينحتُ منْ زمن الأزمات ابتداعا شجيَّ الرؤى
و يُشيدُ على جثّة المستحيلِ القصيدَ
هنا يا صديقةَ قلبي الشقيِّ
رأيت جميع الجهاتِ تخون بصدقٍ
وقدْ خيّبَ الانتظارُ رجاءَ الحنينِ
وما جئتِ أنتِ
وما جاء منكِ كتابٌ يدرّبُ قلبي على الموتِ
كي أسْتسيغَ السّهادَ الجديدَ
هنا أتوسّدُ رحلةَ ذاكرتي
وبقايا الوداعِ على غسق الصمتِ
ترسمُ أحلامَ طفلٍ نقيٍّ
أراهُ الهوى ما يغيضُ الحسودَ
ترى أين أنتِ ؟
تّرى كيف حالُ الحياةِ لديْكِ؟
فبعدك غادر طيبُُ الجمالِ عناوينَ بلْدتِنا
وغزتْها غُيومُ الغيابِ
وألفيتُ فيها المسافةَ مقفرةً
وضجيج المرارةِ يقسو على خطواتي الثّكالى
وهذا الفراغ يؤنّبُ حظّي البليدَ
تري أين آثرت عنّا الرحيلَ !؟
ترى كيف ألفيتِ بعد اغْترابي الوجودَ !؟
أنا لا أرى مشكلاً في الغيابِ
ولا في الضياعِ ولا في اصطحابِ السرابِ
ولكنَّ أسئلتي تتسابقُ موْجوعةً
كي تحاججَ هذا الحصارَ المَديدَ
فبعدَ جراح العراق اختفت جمراتُ جراحي
وأدركتُ كيف انتهى الحبُّ في الحرْبِ مغتربًا

تعليقات
إرسال تعليق